الموقع في طور التطوير والتحديث

رسائل دعويةرسائل متنوعة

لا تحزنْ منْ قلَّةِ ذاتِ اليدِ ، فإن القِلَّةُ معها السّلامةُ

لا تحزنْ منْ قلَّةِ ذاتِ اليدِ ، فإن القِلَّةُ معها السّلامةُ

في عالم يموج بالرغبات المادية، ويبحث فيه الإنسان عن متاع الحياة الدنيا بشتى الطرق، يبرز مفهوم الزهد كمنهج حياة يحقق الطمأنينة والسلام الداخلي.

وإن الزهد ليس فقراً أو حرماناً، بل هو رفعة وحرية من قيود التعلق بالماديات، وهو طريق يسلكه المؤمن ليصل إلى القناعة والرضا. [1]

يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا(مريم: 40)، مؤكداً على حقيقة زوال الدنيا ومتعها، وبقاء العمل الصالح.

القلة سبب السلامة والراحة النفسية

القلة ليست عيباً، بل يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق السلامة والطمأنينة. كلما قلّت متطلبات الإنسان من الحياة، زادت فرصته في التحرر من التوتر والمخاوف المرتبطة بالماديات.

قال أحد الحكماء: “ماءٌ وخبزٌ وظلٌّ… ذاك النعيمُ الأجلُّ

فالبساطة في الحياة تُجنب الإنسان تعقيدات كثيرة، وتمنحه راحة نفسية عظيمة. الزهد في الدنيا ليس رفضاً للمتعة، بل هو رؤية أعمق للمهم والأهم، إذ يسعى الزاهد إلى رضا الله قبل أي شيء.

وقد جسّد الإمام الشافعي هذه الفكرة بقوله:[2]

أنا إنْ عشتُ لستُ أعدمُ قوتاً… وإذا متُّ لستُ أعدمُ قبراً

فالقناعة هنا تُحوّل الفقر الظاهري إلى غنى روحي.

الزهد عزّة الواثقين وراحة المخلصين

الزهد يعكس عزة النفس وثقة الإنسان بمبادئه ودعوته، فهو لا يحتاج إلى إرضاء الناس بالمظاهر، بل يرضي ربه بقلبه وعمله.

قال الإمام الشافعي:[3]

همتي همة الملوك ونفسي… نفس حرٍّ ترى المذلّة كفرا

فالزاهد يترفّع عن التعلّق بالمظاهر المادية الزائلة، ويعيش حياة مليئة بالعزة والكرامة، والزهد ليس انسحاباً من الدنيا، بل هو فهم عميق لحقيقتها؛

فالدنيا ما هي إلا وسيلة وليست غاية، والزاهد يستخدمها لتحقيق ما يرضي الله.

والزهد يمنح الإنسان راحة عاجلة، إذ يخفف عنه هموم التعلق بالماديات، ويمنحه رضا نفسياً عظيماً. هذا الرضا لا يأتي من كثرة المال أو الجاه، بل من التصالح مع النفس والثقة في الله وحسن الظن به.

لا تحزنْ منْ قلَّةِ ذاتِ اليدِ ، فإن القِلَّةُ معها السّلامةُ ليس مجرد فكرة دينية، بل هو أسلوب حياة يحفظ للإنسان كرامته ويمنحه الطمأنينة.

وإن قلة ذات اليد ليست مدعاة للحزن، بل فرصة للارتقاء بالنفس عن التعلق بالماديات، والسعادة الحقيقية تكمن في الرضا بما قسمه الله وفي إدراك أن ما عند الله خير وأبقى.

فلنستبدل القلق بالسكون، والطمع بالقناعة، ولنكن من أولئك الذين يدركون أن عزتهم وراحتهم في البساطة والزهد.


[1] كتاب لا تحزن للشيخ عائض القرني

[2] الإمام الشافعي،  أمطري لؤلؤا جبال سرندي، موقع الديوان

[3] ديوان الإمام الشافعي  اقتباسات الإمام الشافعي  همتي همة الملوك ونفسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى