الموقع في طور التطوير والتحديث

رسائل دعويةرسائل متنوعة

رُبَّ ضارةِ نافعةٌ

رُبَّ ضارةِ نافعةٌ

الحياة مليئة بالمحن والتحديات، لكن الإنسان الحكيم هو من يدرك أن المصاعب قد تحمل في طياتها فرصًا عظيمة، فكم من شخص قهر الظروف الصعبة ليصنع لنفسه مكانة عظيمة في التاريخ!

المحن طريقٌ إلى التميز

قد ينظر البعض إلى البلاء على أنه نهاية الطريق، لكن في الحقيقة، قد يكون بداية لمسار أكثر نجاحًا.

 فقد كان الفقرُ، والسجنُ، والإعاقةُ دافعًا للكثيرين ليحققوا إنجازات خالدة. ابن الأثير، على سبيل المثال، ألّف “جامع الأصول” و*”النهاية”* وهو مُقعد، بينما كتب السرخسي كتابه “المبسوط” وهو محبوسٌ في الجبّ!

 أما ابن القيم فقد ألّف “زاد المعاد” وهو في سفر، وشرح القرطبي “صحيح مسلم” على ظهر سفينة، وكان معظم فتاوى ابن تيمية مكتوبة وهو في السجن.

ليس هذا فحسب، بل إن بعض العلماء استغلوا ظروفهم القاسية لصقل مهاراتهم وتقديم علومهم للأمة، فالمحدّثون جمعوا مئات الآلاف من الأحاديث لأنهم فقراء غرباء.[1]

الصبر والتفكير الإيجابي مفتاح النجاح

الفرق بين من يستفيد من المحن ومن يستسلم لها يكمن في القدرة على الصبر والتفكير الإيجابي.

فرانسيس بايكون قال: “قليلٌ من الفلسفةِ يجعلُ الإنسان يميلُ إلى الإلحادِ، لكنَّ التعمُّقَ في الفلسفةِ يقرِّبُ الإنسانَ من الدِّينِ.”

وهذا يوضح أن الفهم العميق للمحن يقود الإنسان إلى الحكمة والتوازن النفسي.

ولذلك، نجد أن كثيرًا من الناجحين واجهوا تحديات صعبة، لكنهم صبروا وأصروا على تحقيق أهدافهم.

 وقد أكّد القرآن الكريم أهمية العلم والفهم في استيعاب الحقائق:

﴿ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ(العنكبوت: 43)،

﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ(فاطر: 28)،

﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(الحج: 54).

رُبَّ ضارةِ نافعةٌ فقد يبدو البلاء في ظاهره شرًّا، لكنه قد يكون خيرًا خفيًا يحمل فرصًا عظيمة للنمو والتقدم.

فالحياة لا تُمنح لمن ينتظر، بل لمن يكافح ويتجاوز التحديات. الصبر، والعلم، والإيمان، أدواتٌ تجعل المحن سلمًا للنجاح، وليس سببًا للانهيار.


[1] كتاب لا تحزن للشيخ عائض القرني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى