الموقع في طور التطوير والتحديث

رسائل الدعوةرسائل دعوية

الناسُ عليك لا لك

الناسُ عليك لا لك

إنَّ العاقلَ الحصيفَ لا يبني قراراتِهُ على الناسِ، بل يعتمدُ على اللهِ ثمَّ على نفسِه، لأنَّ للناسِ حدودًا في التضامنِ والبذلِ لا يتجاوزونها.

 فكم من عظيمٍ خذلهُ أقربُ الناسِ إليهِ! وهذا ما يثبتهُ التاريخُ مرارًا وتكرارًا.[1]

الناسُ في الابتلاءِ والشدائدِ

من يظنُّ أنَّ الناسَ سيقفونَ معهُ في كلِّ محنةٍ فهو واهمٌ، فقد تُركَ الحسينُ بنُ عليٍّ – رضي الله عنه – وحيدًا في كربلاء، رغمَ أنَّ أنصارَهُ كانوا بالأمسِ يُقسمونَ على الوفاءِ له!

وقُتلَ مظلومًا وهو ابنُ بنتِ رسولِ الله ﷺ، ولم يتحركْ أحدٌ لنُصرتهِ، بل كانَ القاتلونَ يُكبِّرونَ ظنًا منهم أنَّهم على حقٍّ!

قال اللهُ تعالى:

﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ (محمد: 7).

وكذلكَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل، حينَ سُجِنَ وجُلِدَ لتمسُّكهِ بالحقِّ، لم يجدْ ناصرًا سوى الله، وكذلكَ ابنُ تيميةَ الذي سُجنَ وماتَ في محبسهِ، رغمَ أنَّ الناسَ ملأوا جنازتَهُ بعدَ وفاتِهِ، لكنَّهُ حينَ كانَ بحاجةٍ إليهم لم يجدهم.

التوكُّلُ على اللهِ لا على الناسِ

الناسُ لا يملكونَ لأنفسِهِم نفعًا ولا ضرًّا، فكيفَ لهم أنْ يمنحوا غيرَهم؟ لهذا كانَ النبيُّ ﷺ يعلِّمُنا أنَّ التوكُّلَ على اللهِ هو الملاذُ الحقيقي.

فقالَ: “احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله[2]

وقال اللهُ تعالى:

﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ (الفرقان: 58).

ولهذا كانَ الصالحونَ عبرَ التاريخِ يجعلونَ الناسَ عليهم لا لهم، أيْ لا يتَّكِلونَ عليهم، بل يجعلونهمَ في ميزانِ الابتلاءِ، فإنْ نصروهم فبفضلِ اللهِ، وإنْ خذلوهمْ فذلكَ سنةُ الحياةِ.

الناسُ عليك لا لك قدْ يكونونَ عونًا لكَ يومًا، ولكنْ لا تجعلْ اعتمادَكَ عليهم، بل على اللهِ الذي لا يخيِّبُ عبدًا لجأَ إليهِ.

 فاجعلْ ثقتكَ باللهِ وحدَهُ، وكنْ قويًّا بنفسِكَ، حتى لا تنهارَ إذا خذلكَ الناسُ، فاللهُ هوَ الذي يُعزُّ من يشاءُ ويذلُّ من يشاءُ.


[1] كتاب لا تحزن للشيخ عائض القرني

[2] أخرجه الترمذي (2516)، وأحمد (2763)

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى